اللغة وسيلة التعبير والأداة الرئيسة في عملية التواصل والإبلاغ والتفاهم، مستودع الأفكار والأحاسيس والمشاعر، أداة الفكر بها عاش الإنسان ماضيه، ويتواصل مع حاضره ويتطلع إلى مستقبله، وتؤدي اللغة دوراً حيوياً في عملية الاتصال الذي يكتسي عبر تقنياته أهمية قصوى في المشهد الثقافي والتعليمي لا سيما أننا نعيش حالياً في ظل تطور تكنولوجي رقمي يفتح آفاقاً واسعة للاتصال والتواصل بين الشعوب، متغلباً على قيود العزلة والوقت وبعد المسافات، حيث تتفاعل الشعوب تفاعلاً جماعياً مما أدى إلى سهولة الوصول إلى مصادر المعرفة والمعلومات، وأصبح المجتمع البشري قرية كونية تكنولوجية، وساعد انتشار الإنترنت وتنوع وسائل التواصل الاجتماعي بوصفها وسيطاً سريعاً وفورياً لتلاقي أجزاء العالم بعضه ببعض وتواصله.
تشكل الثورة الرقمية تقدماً علمياً امتدت انعكاساتها إلى كل مناحي الحياة المعاصرة، وعملت على صياغة أنماط جديدة من الواقع، وقد تأثرت اللغات جميعاً بهذا التطور الهائل والتدفق المعلوماتي اللامتناهي كونها وعاء الفكر وجسر التواصل بين الثقافات المتعددة، وأهم أداة من أدوات التواصل بين البشر، على اختلاف أجناسهم وانتماءاتهم، الفكرية والأيديولوجية والعرقية.
إن من تداعيات البيئة الرقمية التطور الحاصل على اللغة والاتصال،إذ تأثرت اللغة تأثيراُ جذرياً بما فرضته الثورة الرقمية من تغيرات، وغدت تواجه تحديات تعادل حجم ما منحته الرقمنة من إمكانات، وانعكس هذا التغيير على البيئة التعليمية، ووسائل الاتصال والإعلام والترجمة. ومن هذا المنطلق نوجه دعوة إلى الباحثين و المهتمين بحقول اللغات والاتصال والرقمنة للمساهمة بأوراق بحثية في هذا الموضوع الذي أصبح يفرض نفسه على مجتمعاتنا العربية.